الاثنين، 21 يوليو 2008

ارتفاع أسعار كراء قاعات الأفراح: هل هو قانوني؟

مع تزايد الطلب عليها خلال فصل الصيف
ارتفاع أسعار كراء قاعات الأفراح: هل هو قانوني؟

أنس العقلي/أسبوعية المستقل

يحل فصل الصيف.. بشمسه الساطعة وهوائه المنعش وطقسه المغري بالمرح والسهر والاستجمام.. مما يجعله الفصل المفضل لدى عموم المغاربة لإجراء الحفلات والمناسبات السارة، وخصوصا منها الأعراس.. الشيء الذي يجعل أسعار كراء قاعات الأفراح تعرف ارتفاعا ملحوظا خلال هذا الفصل بالذات، بسبب ارتفاع الطلب عليها.. وهو ما جعل بعض الأزواج يستغنون عن إقامة العرس، باعتباره تقليدا أصبح يستنزف الكثير من المال الذي سيحتاجونه في أمور قد تكون أهم..

يواجه المغاربة الراغبون في اكتراء قاعة أفراح خلال فصل الصيف من أجل إقامة عرس أو حفل، مشكل ارتفاع أسعار كراء هذه القاعات بسبب ارتفاع الطلب عليها، والأكثر من ذلك، أنه في بعض الأحيان يتعذر على الشخص الحصول على القاعة، رغم استعداده لأداء التكلفة، مهما كان مبالغا فيها، بسبب عمليات حجز القاعات مدة طويلة قبل موعد الحفل. وتزداد الأمور تعقيدا خلال أيام نهاية الأسبوع، إن لم نقل إن الحصول على قاعة شاغرة، خلال أيام السبت والأحد، يتحول إلى مهمة شبه مستحيلة.

هيمنة قانون العرض والطلب

ويأتي ارتفاع ثمن كراء القاعات كنتيجة منطقية لارتفاع الطلب عليها في فصل الصيف، لأن جل المغاربة يفضلون هذا الموسم لإقامة أعراسهم، وبالتالي فغالبا ما يحددون أيام الأفراح خلال شهر يوليوز أو غشت، وهما الشهران اللذان يعرفان ذروة الإقبال على اكتراء القاعات، وموازاة مع ذلك، تصل واجبات كرائها إلى معدلات قياسية لا تبلغها خلال سائر أيام السنة.
وتقدر الزيادات في سعر كراء قاعات الأفراح في فصل الصيف بحوالي ألفي درهم، إذ يجري كراء القاعة بحوالي سبعة أو ثمانية آلاف خلال موسم الصيف، بينما لا يتجاوز سعرها خمسة آلاف درهم خلال سائر فصول السنة.
وفي هذا الصدد، أفادنا صاحب إحدى قاعات الأفراح بحي سيدي معروف بأن الذين يختارون شهري يوليوز وغشت لاكتراء القاعة يواجهون بالضرورة إشكالية ارتفاع الأسعار، وأضاف إن الأسعار تختلف خلال موسم الصيف حسب الأيام، ففي وسط الأسبوع يبلغ السعر حوالي سبعة آلاف درهم، وفي أيام السبت والأحد يصل إلى عشرة آلاف درهم، كما يخضع الثمن أيضا إلى معايير أخرى، كتجهيزات القاعة وجودتها، فضلا عن مساحتها والمنطقة التي تتواجد بها.
وأضاف أن هناك قاعات مجهزة بكراسي قديمة وغير نظيفة، وتفتقد لبعض المرافق الأساسية، كالغرفة الإضافية التي تستعملها "النكافات" من أجل إعداد العروس للبروز، وقد تفتقر إلى مرافق النظافة وما إليها، وهذه القاعات بطبيعة الحال يكون سعر كرائها أقل من القاعات التي تتواجد في أحياء راقية، وتتوفر على أثاث حديث، وتجهيزات ومعدات جيدة، ولا تفتقر حتى إلى الكماليات.
ومن أهم الأشياء التي تأخذها العائلات بعين الاعتبار، موقع القاعة وسهولة الوصول إليها، باعتباره من العوامل المهمة التي يشترط توفرها في المكان الأفضل لإقامة حفلة الزفاف.
وتبدأ العائلات عادة بتحديد ميزانية الحفل، وتحديد عدد الأفراد الذين سيحضرون الحفل، لأن الطاقة الاستيعابية للقاعات محدودة، كما يتم التأكيد على وجود مساحة كافية لجلوس العروسة والعريس بها، مع الحرص على وجود إضاءة ثابتة ومتحركة، خصوصا وراء المنصة، لإبراز مكان العروسين. كما يحرص المكترون على أهمية التفاهم المسبق مع صاحب القاعة على طريقة استغلالها لتجنب وقوع أي خلاف.



منازل تتحول إلى قاعات أفراح

وتوجد بالدار البيضاء قاعات أفراح خاصة وأخرى تابعة للجماعات المحلية، يستفيد منها البيضاويون لإقامة الأعراس والمناسبات، كما يوجد بعض المارقين الذين يحولون منازلهم إلى قاعات للحفلات بشكل غير قانوني، خصوصا خلال موسم الصيف، مغتنمين فرصة ارتفاع الطلب على القاعات، والارتفاع الصاروخي لأسعار كرائها الذي لا تستطيع العديد من الأسر تحمله.
وأكد عدد من المواطنين لأسبوعية المستقل إن أسعار الاستفادة من قاعات الأفراح مرتفعة جدا هذا الصيف، بل وفي بعض الأحيان يبالغ أصحابها في رفع سعر كرائها إلى ما يفوق عشرة آلاف درهم، وهذا ما يجعل عددا كبيرا من العائلات تلجأ إلى نصب فسطاط "خزانة" أمام المنزل لاستقبال المدعوين، بما يشكله ذلك من إعاقة لحركة السير وإزعاج للساكنين بالحي، خصوصا خلال الفترة الليلية.
وهنا نتساءل عن دور الدولة في التصدي لظاهرة ارتفاع أسعار كراء قاعات الأفراح في موسم الصيف، وهل هناك أساسا قانون محدد لأسعار كراء قاعات الأفراح؟ وهل هذه الزيادات الاستثنائية التي يعرفها فصل الصيف قانونية؟.

الزبونية حتى في كراء القاعات

وفي ظروف معينة تواجه بعض العائلات المغربية حالات زواج دون برمجة مسبقة، إذ تجري الخطوبة والاحتفال بالزفاف في وقت قصير وبشكل مفاجئ، ويستوجب الأمر أن ينتهي كل شيء بسرعة، خصوصا إذا لم يكن أمام الزوج وقت كاف، كما هو الشأن في حال اشتغاله بديار المهجر أو لظرف من الظروف، فتواجه العائلة مشكلة الغلاء في جميع ما يتعلق بحفل الزفاف، من الفرقة الموسيقية إلى الملابس الجاهزة للعروس، مرورا بتكاليف النكافة والمشرف على الحفل.
وحسب بعض من استقينا آراءهم، فإنه في هذه الحالة يكون المشكل محلولا إذا كان للعائلة شخص ذو نفوذ يتوسط لهم في الحصول على قاعة. ليصبح اللجوء إلى الزبونية ضروريا في بعض الحالات الملحة، هذا إذا كان للعائلة شخص قادر على القيام بهذا الدور.
وقد انتقلت حمى الغلاء إلى جميع ما تحتاجه الأسر لإحياء حفلات الزفاف، من ملابس وأجر النكافة وممول الحفل، والمجموعة الغنائية، بالإضافة إلى كراء القاعة. وهذا ما أصبح يدفع ببعض ذوي الدخل المحدود إلى الاستغناء عن الحفل وتكاليفه الباهظة، خصوصا إذا كان هناك تفاهم بين العريسين على هذه النقطة، فيستغلان ثمن تكاليف العرس في قضاء سهر عسل هادىء، أو تجهيز بيت الزوجية بالفراش اللازم.

تطور حفلات الزفاف بالمغرب

ويمكن القول إنه قد حدث تطور ملحوظ في حفلات الزفاف المغربي، ففي أواسط القرن الماضي، كانت الأسر تلجأ إلى استغلال سطوح المنازل لإقامة الأفراح، دون اللجوء إلى ممول الحفلات أو إلى المجموعات الغنائية والفرق الموسيقية الحديثة. وكانت نساء العائلة تعتمدن على أنفسهن بشكل كلي في تنشيط العرس، فيرددن الأغاني الشعبية القديمة والأهازيج الموروثة عن الجدود، أو يعتمدن على "الشيخات" اللواتي يقمن بتنشيط العرس بأغانيهن المقتبسة من الفولكلور الغنائي الشعبي المغربي.
وقد اندثرت اليوم مجموعة من الطقوس والعادات القديمة التي كانت تميز العرس المغربي، وحلت محلها الأشكال الاحتفالية الجديدة التي نشاهدها اليوم، والتي أصبحت تكلف الأزواج في بعض الأحيان ما لا طاقة لهم به من المصاريف المادية، وهذا ما أصبح يفرز أنواعا جديدة من حفلات الزفاف التي تكون أشبه بحفل عائلي صغير، تكون الغاية منه تقليص المصاريف وتفادي الوقوع في فخ المتاجرين في لوازم العرس وخدماته، الذين يسعون إلى استغلال موسم الصيف من أجل جني أكبر قدر من الأرباح، والمقصودون طبعا هم أصحاب القاعات والنكافات والأجواق وممولو الحفلات وغيرهم.

ليست هناك تعليقات: