الاثنين، 9 يونيو 2008

ماذا أضافت (الإلترات) إلى الدوري المغربي؟

بعد تنامي ظاهرة المجموعات التشجيعية(الإلترات)
خلال المواسم الأخيرة


أنس العقلي/جريدة المستقل

طوباويتهم المفرطة في التشجيع من أجل التشجيع، والوقوف إلى جانب الفريق في السراء والضراء، والاعتماد على مالهم الخاص في تمويل تنقلاتهم ووسائل تشجيعهم، جعلت بعض الملاحظين يذهبون إلى أن هناك أياد خفية تدعم الإلترات من الوراء.. من هي الإلترا؟ ومن يقف وراءها؟ أسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عليها من خلال الورقة التالية:

"الإلترا" هي مجموعة تشجيعية تحرص على تشجيع الفريق والتنقل معه أينما حل وارتحل، عن طريق شعارات وأغان وألوان خاصة بها. وتقوم فلسفة الإلترا على التشجيع المجنون للفريق والذي يقترب من درجة التعصب، ولكنها تعمل بالمقابل على إعطاء مثال في الروح الرياضية، حيث تشجع بدون كلمات نابية وبدون شب وشتم، وبدون استفزاز الخصم.
وجاءت الإلترا بعدة أشياء إيجابية، فهي تشجع الفريق غالبا أو مغلوبا، وتحج إلى الملعب في السراء والضراء، ولا تكف عن التشجيع طيلة اللقاء بطريقة أفلاطونية، وتتنافس في تحقيق أكبر عدد من الجماهير التي تسافر مع الفريق لتشجيعه داخل القواعد أو خارجها. هؤلاء إذن هم الإلترات أو مجانين كرة القدم المهووسون بعشق الكرة، الذين يبذلون مجهودات كبيرة من أجل إضفاء الكثير من الجمالية على ملاعبنا الوطنية.

عودة الدفء إلى المدرجات

قبل ظهور الإلترا في المغرب، كانت الملاعب المغربية تعاني من عزوف الجماهير التي تهجر المدرجات مع النتائج السلبية، حتى أصبحت الكثير من المباريات تلعب أمام مدرجات شبه فارغة، ولم تسلم حتى بعض المباريات الهامة من مشكل غياب الجمهور، خصوصا مع توجه الكثيرين من عشاق الكرة إلى تتبع الدوريات الأجنبية كالدوري الإنجليزي والأسباني. ولكن مع ظهور الإلترا عاد الكثير من الدفء إلى المدرجات، وبدأنا نلاحظ الحماس الجماهيري حتى في المباريات التي لم تكن تصنف في خانة المباريات الهامة.
وأصبحت اليوم لجميع الأندية المغربية إلترات تشجعها، ولكل إلترا اسم وشعار خاص بها، فإلترا الوداد مشهورة باسم "الوينيرز"، بينما إلترا الرجاء معروفة باسم "الكرين بويز"، ومن النماذج التي رسمت صورة حسنة هذا الموسم نجد "إلترا إيمازيغن" التي تساند فريق حسنية أكادير و"كريزي بويز"التي تساند الكوكب، إضافة إلى "إلترا عسكري" للجيش الملكي و"إلترا عيساوي" من مشجعي النادي المكناسي، دون أن ننسى إلترات المغرب التطواني والمغرب الفاسي والدفاع الجديدي والمولودية الوجدية وغيرها. والإلترا ليست مقتصرة على الذكور فقط، بل نجد في أغلب الإلترات المغربية فتيات مهووسات بحمى التشجيع، ترافقن الفريق في حلوله وترحاله. وحتى فرق القسم الثاني والهواة لديهم إلترات خاصة بهم. وقد أصبح للعديد من الإلترات مواقع إلكترونية على الشبكة العنكبوتية تعرض فيها صورها وأغانيها.
وهكذا نلاحظ أن الإلترا غير مقتصرة فقط على الأندية الكبيرة، ففي هذا الموسم تألقت بشكل كبير إلترا "حلالة بويز" من مشجعي النادي القنيطري التي يمكن اعتبارها ظاهرة الموسم بامتياز، فقد نجحت هذه المجموعة في شد الأنظار إليها بتنقلاتها بأعداد كبيرة من أجل تشجيع الفريق في جميع المدن المغربية. وهي تلفت النظر أيضا باسمها الذي قد لا يفهمه من لا يعرف جيدا مدينة القنيطرة، وعن هذا الاسم يقول أحد عناصر إلترا حلالة بويز: " لقد جاء سبب التسمية بحلالة بويز على نبتة تدعى "حلالة" تنمو بوفرة في منطقة القنيطرة، وقد أردنا أن ندخل هذه النبتة التاريخ خصوصا وأنها تكسو الأرض بحلة خضراء، أي بلون فريق النادي القنيطري".

الإلترا والسياسة

كما تتألق أيضا "إلترا شارك" من محبي أولمبيك آسفي التي خطفت الأنظار إليها منذ صعود الفريق المسفيوي إلى قسم الصفوة. وتعرف إلترا شارك بتشجيع لفريقها بشكل هستيري، ويرجع لها الفضل في تفوق أولمبيك آسفي على أندية قوية هذا الموسم مثل الجيش الملكي وأولمبيك خريبكة والوداد.
وعلى ذكر الوداد فقد ساهمت إلترا "الوينيرز" بدورها بشكل فعال في بلوغ الفريق الأحمر المباراة النهائية لدوري أبطال العرب، حيث تحملت مشقة السفر إلى الأردن وسوريا ومصر والجزائر من أجل مساندة النادي حتى آخر لحظة.
يقول عبد اللطيف وهو أحد عناصر الوينرز:"الإلترا تضيف نكهة خاصة للمباريات من خلال رسمها للوحات رائعة، بالإضافة إلى الشعارات والأغاني و"التيفو" و"الفلامات" والشهب، ولكنها لا تصل إلى مستوى الإلترات الأوروبية، بالنظر إلى أن هذه الأخيرة تتوفر على الإمكانيات المادية وتستفيد من جودة المدرجات والكراسي المرقمة التي تتيح لها رسم أجمل اللوحات."
ولا تقتصر الإلترا على كرة القدم فقط، بل تتعداها إلى الرياضات الأخرى، وبالخصوص كرة السلة، ويستعملون وسائل تشجيع تتطلب إمكانيات مالية هامة، فالتيفو مثلا يصل ثمنه إلى عشرات الآلاف من الدراهم، يوفرها هؤلاء المشجعون من مالهم الخاص المحدود، حيث يقومون ببيع بعض منتوجاتهم داخل الملاعب كالمأكولات الخفيفة والمشروبات وأدوات التشجيع والشعارات، بالإضافة إلى مساهمات بعض المحبين، ليتمكنوا من تغطية نفقات تحركاتهم، ومصاريف أدوات التشجيع.
والملاحظ أن فن الإلترا بين الفينة والأخرى يتعدى المجال الرياضي إلى الهتافات السياسية الموجهة إلى الحكومة والبوليس، حيث يرى الملاحظون أن الشباب المهمش يجد فرصته في التعبير عن غضبه من معاناته مع الفقر والبطالة والتهميش الذي يعيشه داخل المجتمع المغربي، ولعل هذا هو سبب المد والجزر الذي يطبع علاقة الإلترا بالجامعة وكذلك بالأجهزة الأمنية.

تاريخ الإلترا
ظهرت بالمغرب المجموعات التشجيعية أو ما يعرف بالإلترا قبل سنتين أو ثلاث على الأكثر، وهي ظاهرة مقتبسة من الدوريات الأوروبية، وهي تلعب دورا وسيطا بين جمعيات المحبين وبين الجماهير. وقد كان للإلترا دور كبير في الشهرة التي وصل إليها الدوري الإيطالي (الكالشيو). وكانت أول مجموعة قد ظهرت بالبرازيل سنة 1940 تحت اسم "توركيدا"، وبعد ذلك انتقلت إلى أوروبا وبالضبط إلى يوغوسلافيا. ثم انتقلت الظاهرة إلى إيطاليا سنة 1960 حيث تأسست أولى المجموعات لمشجعي نادي سامبدوريا، وتم تصدير الظاهرة إلى فرنسا سنة 19 على يد جمهور أولمبيك مارسيليا، الذي قلده جمهور باريس سان جرمان ثم بعد ذلك جمهور نيس. لتنتشر الظاهرة بعد ذلك في جميع أرجاء العالم بما في ذلك المغرب.

ليست هناك تعليقات: