الاثنين، 9 يونيو 2008

هل تفقد الكرة المغربية هيبتها؟

بعد البداية الباهتة في مشوار إقصائيات كأس إفريقيا والعالم


أنس العقلي/أسبوعية المستقل

طرحت البداية الضعيفة للمنتخب الوطني في إقصائيات كأس إفريقيا والعالم عدة تساؤلات حول سبب فقدان الكرة المغربية للكثير من بريقها في الساحة الإفريقية والعالمية، خصوصا بعد فشل المنتخب المغربي في التأهل إلى كأس العالم لمرتين وكذلك خروجه السريع من نهائيات كأس إفريقيا في مناسبتين متتاليتين، دون إغفال الحضور الضعيف للأندية المغربية في المناسبات القارية..

لم يكن أكثر المتتبعين تشاؤما ينتظر من المنتخب الوطني ذلك الأداء الباهت وغير المقنع في أولى خرجاته في المشوار الإقصائي المزدوج المؤهل إلى نهائيات كأسي إفريقيا والعالم 2010، أمام منتخب إثيوبيا الذي يعد من أضعف المنتخبات العالمية، مما وضع علامة استفهام كبيرة حول سبب تراجع كرة القدم المغربية خلال العقد الأخير بشكل يدعو للقلق، حيث بدأ المنتخب الوطني يفقد هيبته بشكل تدريجي، رغم أن الإمكانيات أصبحت أكبر من مما كانت عليه في الماضي، وكذلك أجور اللاعبين والمدرب، كما تراجع أداء الأندية المغربية في الملتقيات القارية، لتحل محلها الأندية التونسية والمصرية. وأكبر دليل على ذلك الغياب الطويل عن نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية وحتى عن الاتحاد الإفريقي.
لقد عجز المنتخب الوطني عن الفوز بكأس إفريقيا منذ ثلث قرن، وفشل في التأهل لكأس العالم خلال الدورتين الأخيرتين، وخرج من الدور الأول من نهائيات كأس إفريقيا لمرتين متتاليتين بشكل مخجل، وأخفق المنتخب الأولمبي في التأهل إلى دورة بيكين، وأمام اندهاش المتتبعين أقصي الجيش الملكي أمام فريق مغمور من الرأس الأخضر في الأدوار الأولى من إقصائيات عصبة الأبطال الإفريقية، وعجز الوداد عن تخطي عقبة وفاق سطيف في نهائي دوري أبطال العرب؛ وخلاصة القول أن الكرة المصرية والتونسية وحتى الجزائرية أصبحت تتفوق على نضيرتها المغربية بعدما كان العكس هو الحاصل ولعقود طويلة.
لقد كان المنتخب المغربي في وقت من الأوقات ندا قويا لأعتى المدارس العالمية، بدليل أنه كان أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم في دورة مكسيكو 1970 وأول منتخب عربي يتأهل إلى ثمن نهاية كأس العالم في مكسيكو 1986. هذا دون أن ننسى الفوز التاريخي باللقب الإفريقي في دورة أديس أبابا 1976 بإثيوبيا. ويمكن القول إنه إلى حدود نهائيات كأس العالم فرنسا 1998 كان المنتخب المغربي لا يزال يقدم عطاء جيدا، أما اليوم وبهذه الخرجة الخاطئة أمام منتخب إثيوبيا برسم إقصائيات كأسي إفريقيا والعالم 2010 فإن ما يبدو للملاحظين هو أن المنتخب يحتاج إلى عمل كبير إذا أراد الظهور بمظهر يليق بكرة القدم المغربية في هذه المنافسات.

الموارد المالية هي المشكل الأكبر

هناك من يرجع أزمة الكرة المغربية إلى ضعف التسيير، خصوصا وأن جامعة كرة القدم مؤقتة منذ سنة 1997، بالإضافة إلى أن مسيري الأندية في الغالب لا يفهمون في كرة القدم بقدر ما يفهمون في أشياء أخرى، وهناك من يرجع أسباب الأزمة إلى قلة الملاعب الصالحة لإجراء مباريات في كرة القدم، حيث لا يتوفر المغرب إلا على ثلاثة ملاعب تخضع للمعايير الدولية وهي مركب محمد الخامس ومركب مولاي عبد الله والمركب الجديد بفاس، والملاعب الأخرى هناك منها التي تتوفر على عشب جيد و لكنها صغيرة الحجم كملعب العبدي بالجديدة وملعب الأب جيكو بالبيضاء، أو تتوفر على مدرجات متوسطة الحجم لكن بأرضية غير صالحة لمقابلة في كرة القدم كملعب الفتح بالرباط والملعب البلدي بالقنيطرة، وهنا يتساءل المرء: هل كان المغرب يتوفر على ملاعب في المستوى في 1986 أو 1976؟.
ويمكن القول إن عدم وجود موارد مالية كبيرة يبقى من أهم الأسباب على الإطلاق في تراجع أداء الأندية المغربية على المستوى العربي والقاري، حيث أن الإمكانيات المادية للأندية المصرية كالأهلي والزمالك والتونسية كالترجي والنادي الإفريقي تفوق بكثير إمكانات الوداد والرجاء والجيش وغيرها، لذلك نجد الكثير من اللاعبين المغاربة الجيدين يختارون اللعب في الخليج العربي من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية، بسبب ضعف الأجور في الأندية المغربية، لذلك يجد اللاعب المغربي نفسه مضطرا لقبول عرض خليجي، وبالتالي يقتل موهبته في دوريات تعرف منافسة ضعيفة، ولعل اللاعب سفيان علودي أوضح نموذج على هؤلاء.
وبالمقابل لا يوجد لاعب تونسي أو مصري في الدوريات الخليجية، لأن هذين البلدين يصنعان النجوم، ويوفران الأجور العالية والملاعب الجيدة، كما يوظفون مسيرين لهم خبرة بكرة القدم وغيرة على منتخب بلادهم. لذلك فمن الطبيعي أن تتوج مصر ببطولة إفريقيا لمرتين متتاليتين في 2006 و 2008، وتتوج تونس بنفس البطولة سنة 2004 وتتأهل إلى كأس العالم 2006، دون أن ننسى سيطرة الأندية التونسية والمصرية على عصبة الأبطال الإفريقية وكأس الكاف والسوبر، في الوقت الذي يبحث فيه الرجاء والوداد فقط عن كأس العرب من أجل الجوائز المالية.

التجنيس الرياضي وهجرة اللاعبين

كل هذا أدى إلى مشاكل جديدة بدأت تعاني منها الكرة المغربية، على رأسها مشكل التجنيس الرياضي، ورفض عدد من اللاعبين المغاربة بأوروبا تلبية نداء المنتخب الوطني، حيث فضلوا اللعب بالبلدان التي يمارسون فيها، كما هو الشأن بالنسبة لإسماعيل العيساتي وعادل تاعرابت وابراهيم أفلاي وعادل الرامي، هذا الأخير الذي وصف لاعبي المنتخب الوطني بـ"الكلاب" في تصريح له أثار ضجة كبيرة.
كما ظهر أيضا مشكل (حريق) اللاعبين إلى أوروبا بشكل غير قانوني بسبب هزالة الرواتب، كما حصل مع مروان زمامة ويوسف قديوي وغيرهما، حيث يقبل خيرة اللاعبين عروض الاحتراف في الدوريات الأجنبية من أول وهلة، باحثين عن مستقبل أضمن، وهو ما لا نجده مثلا في الدوري المصري أو التونسي بسبب الرواتب الجيدة.
إن المغرب بلد زاخر بالمواهب الكروية والطاقات الواعدة، وما تجنيس هولندا وفرنسا والدول الأوروبية للاعبين المغاربة إلا دليل على كفاءة اللاعب المغربي، لذلك فالحل الأوحد هو استثمار طاقات ومواهب البلاد، وتعد فكرة مؤسسة "القدم الذهبي" فكرة عملية وجيدة من الناحية النظرية، ولكنها لحد الآن لم تعط ثمارها المرجوة.
وينتظر المتتبعون الكثير من المدارس الرياضية المنتظر إنشاؤها وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي ستعمل على تأطير الشباب كرويا وعلميا حتى نحصل على أبطال رياضيين لهم مستويات دراسية عالية.
هذا إلى جانب الإصلاحات التي ستشهدها مجموعة من الملاعب الوطنية خلال نهاية هذا الموسم، وعلى رأسها إصلاح المنصة المغطاة لمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط التي تعرف تصدعات، وتركيب لوحة إلكترونية بمواصفات دولية بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وبناء مدرجات إضافية في ملعب 20 غشت بالخميسات وكذلك بملعب العبدي بالجديدة، وتزويد ملعب الانبعاث بأكادير بعشب اصطناعي، كما تروج في الأوساط الرياضية أخبار حول بناء مركب رياضي بمارتيل وآخر بخريبكة.

ليست هناك تعليقات: