السبت، 21 يونيو 2008

هل المحطات الإذاعية الجديدة في المستوى؟

بعد ظهور العديد من المحطات الإذاعية الجديدة
إلى أي حد تستجيب هذه المحطات لمتطلبات المستمع المغربي؟

أنس العقلي/أسبوعية المستقل

عرفت السنة الأخيرة ظهور مجموعة من المحطات الإذاعية الجديدة، وأصبح جهاز الراديو في كل بيت مغربي غنيا بالمحطات الإذاعية المتنوعة، إلا أن مجموعة من الملاحظات ظلت تحوم حول المضمون الذي تقدمه بعض المحطات، من تغليب اللغة الفرنسية وأغاني الراب والغربي، إلى ارتفاع درجة الميوعة في بعض البرامج.. ويظل السؤال المطروح هو هل تستجيب جميع المحطات الإذاعية الجديدة لتطلعات المستمع المغربي؟

عرفت السنة الأخيرة منح التراخيص لمجموعة كبيرة من المحطات الإذاعية الجديدة بالمغرب، من طرف المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، حيث رخص المجلس لإحدى عشرة محطة إذاعية وتلفزيونية بينها فضائية إخبارية وإذاعة موسيقية وإذاعة عامة وإذاعة تهتم بالمواضيع الاقتصادية والمالية وإذاعات محلية تغطي في مجملها كافة أنحاء المغرب.
وقد قام المجلس الأعلى السمعي و البصري بمنح هذه التراخيص في إطار المهمة الموكولة إليه والمتجلية في تحرير القطاع السمعي البصري في المغرب ورفع احتكار الدولة على هذا المجال.

تغليب اللغة الفرنسية والموسيقى الغربية

وهكذا أصبح جهاز الراديو في كل بيت مغربي غنيا بالمحطات الإذاعية المختلفة والمتنوعة، ولكن السؤال الذي يظل مطروحا هو إلى أي حد تستجيب هذه المحطات الإذاعية الجديدة لتطلعات المستمع، وإلى أي حد تساهم في الحفاظ على الثراث والهوية المغربية؟.
أول شيء نلاحظه على بعض المحطات الإذاعية الجديدة، هو تغليب اللغة الفرنسية والاعتماد عليها في جل البرامج والنشرات الإخبارية وكأننا نعيش في بلد أوروبي، وإذا اعتبرنا أن أغلب المغاربة لا يتكلمون اللغة الفرنسية، يمكن أن نتساءل: لمن هي موجهة هذه المحطات الإذاعية؟
ومن جانب آخر يلاحظ المستمع لهذه المحطات أن معظمها لا تولي اهتماما للموسيقى المغربية، وتعتمد أساسا على موسيقى الراب والموسيقى الغربية، في الوقت الذي كان ينبغي فيه أن تلعب هذه المحطات الإذاعية دورها في التعريف بالفن المغربي والموسيقى المغربية والفنانين المغاربة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الثراث الفني المغربي وحمايته من التراجع والاندثار.

هل أصبحت الميوعة لغة القرن 21 عند البعض؟

ومن الملاحظات الأخرى التي يمكن استخلاصها حول بعض المحطات الإذاعية، الاعتماد على بعض المهرجين الذين لا علاقة لهم بمجال التنشيط الصحفي، الذي بات اليوم مجالا عمليا له قواعده وآلياته التي لا يمكن اكتسابها إلا من خلال الدراسة والتكوين.
ويتضح جهل هؤلاء الأشخاص بميدان التنشيط من خلال طريقتهم غير المهنية في التقديم، حيث يقولون أي شيء بشكل يصل أحيانا إلى درجة الميوعة، ويصل في أحيان أخرى إلى درجة الخروج عن السطر، ومن جانب آخر نجد أن بعضهم لا يزال متشبثا بفكرة أن المستمع المغربي عقله صغير لدرجة أنه سيضحك ويقتنع بجودة المحطة الإذاعية بمجرد سماعه لشخص يتحدث بلهجة الإنسان البدوي "العروبي" من خلال أمواج الإذاعة.
ومن المنشطين الذين أبلوا بلاء حسنا في مجال الميوعة، لا يزال الجميع يتذكر البرنامج الذي كان يقدمه "نور الدين كرم" على أمواج إذاعة "رابا شين أنتير"، وهو الصحفي المهاجر الذي عاد إلى المغرب ليقدم برنامجا على شاكلة البرامج الإذاعية في فرنسا. وقد حقق البرنامج نسب متابعة قياسية، ولكنه في الآن نفسه تعرض لموجة شديدة من الانتقادات القاسية، خصوصا حول اللغة المستعملة التي وصفت بالمائعة، وكذلك موضوع البرنامج الذي كان يقوم على المصالحة بين المحبين مباشرة على الهواء، أو استلام أرقام الهواتف والمعلومات من المستمعين بهدف تنظيم المواعيد بينهم. وقد تم توقيف البرنامج بعد حوالي سنة من البث حقق خلالها رقم متابعة قياسيا.
وكان المنشط "مومو" أكثر ميوعة في برنامجه الذي كان يقدمه في فترة الليل، حيث وصلت به الجرأة ذات ليلة إلى الدخول في حوار على الهواء مباشرة مع طفل تعرض للاغتصاب، وظل يستفسره ويطلب منه عرض طريقة الاغتصاب بتفاصيلها والشعور الذي أحس بها أثناءها، وقد تم توقيف البرنامج بعد ذلك لأن المنشط كان يجب عليه أن يقوم بدور المربي والموجه تجاه طفل قاصر، وهو الشيء الذي لم يقم به "مومو"، حيث كان يطلب من الطفل القاصر الاستمرار في شرح ما وقع له.

آراء الشارع

من خلال مجموعة من الآراء التي استقتها "المستقل" من الشارع المغربي، استنكر العديد من المواطنين ظاهرة تغييب اللغة العربية في بعض المحطات الإذاعية، وإجراء الحوارات خصوصا الهامة منها باللغة الفرنسية. وانتقد المواطنون الذين قابلناهم الارتجالية في البرامج المقدمة، ووصفوها بالبرامج غير الهادفة.
واشتكوا من غياب البرامج والأخبار التي تحمل هم المواطن العادي، مطالبين معالجة حقيقية للواقع وطرح المشاكل الكبرى التي يعاني منها المواطن المغربي. كما انتقد أغلب من استقينا آراءهم الذوق الهابط الذي تروج له بعض المحطات الإذاعية الجديدة من خلال تقديمها لأغاني لا تمت للثقافة المغربية بصلة؛ وبالمقابل ذهب آخرون إلى أن الشباب المغربي هو الذي يدفع بعض الإذاعات إلى بث الموسيقى الغربية وموسيقى الراب لأنها أصبح يطلبها ويستمع إليها بكثرة.

حسن نادر، رئيس تحرير المحطة الإذاعية "شذى إف إم": "الراديو أخطر وسيلة إعلامية ومبدأ "الجمهور عايز كده" غير مطلوب"

هل تنال اللغة العربية حقها في المحطات الإذاعية الجديدة؟

أولا لا يجب إطلاق أحكام عامة على جميع المحطات الإذاعية، فنحن في محطة "شذى إف إم" نعتمد مبدأ الموازنة بين اللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى ما نعتبره اللغة الثالثة أو اللغة الوسيطة، وهي لغة عامية مفصحة ومهذبة وبعيدة عن الإسفاف والابتذال. ونعتمد في النشرات والبرامج الإخبارية على العربية الفصحى، بينما نعتمد على اللغة العامية المفصحة في البرامج التنشيطية، وغالبا ما نمزج في برامجنا التنشيطية بين اللغتين العربية والفرنسية بشكل متوازن، من أجل تلبية رغبات جميع شرائح المستمعين، لذلك فنحن نشترط الازدواجية اللغوية في صحافيينا ومنشطينا عند انتقائهم.

هل للأغنية المغربية مكان في برامج محطة "شذى إف إم"؟

شعارنا الأساسي في محطة "شذى إف إم" هو أن نكون إذاعة الأغنية المغربية بامتياز، حيث نعمل على تقديم أطباق متنوعة من الأغاني المغربية. وقد ساهمنا في إعادة التوزيع الموسيقي للعديد من القطع المغربية لفنانين تركوا بصمتهم في مجال الأغنية المغربية كعبد الوهاب الدكالي ونعيمة سميح ولطيفة رأفت وغيرهم، بالإضافة إلى إعادة التوزيع لأغاني فولكلورية من الثراث المغربي للعديد الفنانين الشعبيين من بينهم الحاجة الحمداوية. وجاءت فكرة إعادة التوزيع الموسيقي لهذه الأغاني، طبعا بالتنسيق مع أصحابها، من منطلق إيصال الأغنية المغربية والثراث المغربي إلى الشباب المعاصر، وهو ما لا يمكن أن يتأتى إلا بإعادة توزيع هذه الأغاني في حلة أكثر ملاءمة لروح العصر.

ما موقفكم من البرامج التي تهدف إلى تحقيق نسبة استماع عالية ولو على حساب سمعة الإذاعة؟

إن هذه البرامج عموما عمرها قصير، لأنها سرعان ما تموت عندما يمل الناس منها وتكثر الانتقادات الموجهة إليها، نحن لا نجد مانعا من كسر الطابوهات والحديث عن المسكوت عنه، ولكن يجب أن يتم ذلك بطريقة لا تخدش الاحترام العام، لذلك فنحن نقوم بتكوين منشطينا وندربهم على استعمال لغة مهذبة بعيدة عن الإسفاف والألفاظ السوقية. فأنا شخصيا أعتبر الراديو أخطر أخطر وسيلة إعلامية، لأنه يمكن أن يصل إلى أي شخص، على عكس الجريدة مثلا، التي لا يمكن للشخص أن يقرأها إلا إذا كان يعرف القراءة وتوجه إلى الكشك وقام بشرائها بكامل إرادته. لذلك ففي الراديو لا يجب العمل بمبدأ"الجمهور عايز كده"، بل يجب الحرص على ملاءمة البرامج لجميع الشرائح التي تشكل المستمع المفترض.

ليست هناك تعليقات: